إياكم والتهلكة

منيب طربيه

تتميز هذه المعركة الانتخابية بظهور حالات جديدة من سياسيي البلاط والتي تحاول جاهدة الظهور على عناوين صفحات شبكات التواصل الاجتماعي التي تحاول بالاعتماد على مستشارين استراتيجيين رسم الطريق إلى النجومية دون الالتفات إلى الثوابت الوطنية والخطوط العريضة التي لا مساومة عليها في مواجهة المؤسسة الاسرائيلية وعلى رأسها آخر ملوك إسرائيل نتنياهو.

ففي الوقت الذي دأبت فيه الحركات السياسية العربية على رسم برنامج واضح يعني مصلحة فلسطينيي البلاد والحفاظ على هويتهم القومية ومواطنتهم الكاملة دون قيد أو شرط، يأتي بعض الهواة السياسيين بنهج المساومة الجديد والمقايضة البغيضة التي تقلل من شأن فلسطينيي البلاد ومكانتهم.

لم يسمح أي قيادي على الصعيد المحلي أيا كان بتبني منظومة المساومة والمقايضة المادية مقابل دعم رئيس حكومة عنصري على حساب أصوات شعب مضطهد عانى على مدار عشرات السنوات من الاضطهاد والظلم.

كيف يسمح لنفسه رئيس الجنوبية باتباع سياسة هزيلة غير مسؤولة والتي تضر بفلسطينيي البلاد ونضالهم والتعامل مع عدو لدود على أنه شريك مقابل بعض الفتات.

كان حري ببعض قيادات الجنوبية إيقافه عند حده وخاصة عندما فقد البوصلة وبات يرى أن حكام إسرائيل شركاء وليسوا أعداء وعندما تم انتقاده من قبل شركاء الأمس على هذا النهج الهزيل، لم يتوان عن التهجم والتجريح وتأجيج الأمور بشكل ممنهج ظنا منه أنه بذلك يستطيع القيام بفرز في مجتمعنا بين فصيلين، وكل ذلك لمجرد الوصول إلى الكنيست.

لست بصدد تقييم نهج الجنوبية الجديد بقدر التحذير من مغبة الوقوع في فخ الفتنة والفرز الاجتماعي الذي يحاول البعض فرضه وكأنه هو من يقرر من هو محافظ أو من هو غير محافظ، ففي هذا النهج خطورة كبيرة، حيث أن البعض نصب نفسه قاضي قضاة أو مشرع يوزع شهادات ويفرز المحافظ دون غيره.

إن شعبنا غني عن هذه المسرحيات، لشعبنا تاريخ عريق وبوصلة واضحة، كما أن شعبنا بكل أطيافه محافظ ومؤمن ويعي جيدا ما يمليه عليه دينه أو ضميره، ولا يحق لأحد أيا كان أن يحاول اتباع سياسة فرق تسد والتي عانينا منها كثيرا من السلطة، فهناك مسلمات التي من المفروض ألا يجرؤ أحد على التلاعب بها واستغلالها ليستثمرها في معركة انتخابية برلمانية.

كنا قد توخينا خيرا ممن يدعي المحافظة على العادات والتقاليد، القيم الدينية والاجتماعية، ظنا منا أنه ومن باب المسؤولية سيحافظ على الألفة بين أبناء الشعب الواحد، ولكن ما نراه مؤخرا هو انزلاق خطير والذي من الممكن أن نعاني من تداعياته مستقبلا، فقط لمجرد أن أحدهم أراد أن يرسم طريقه إلى النجومية بشكل أعمى دون الاكتراث للثوابت ولا إلى ضرورة وحدة شعبنا وطمأنينته، فحذاري من هذا الانحدار وحبذا لو أظهر بعض الأخوة في الجنوبية بعض من المسؤولية لتوجيه قيادتهم نحو البوصلة الحقيقية والتي تحافظ على شعبنا بكل أطيافه، لا السكوت والاختفاء، فالساكت عن الحق شيطان أخرس وما هو إلا شريك في حال استمر بالصمت والاختفاء.


تصميم وبرمجة: باسل شليوط