العملية نجحت لكن المريض مات!

منيب طربيه

أطل علينا السيد منصور عباس بخطاب موجه للمجتمع الإسرائيلي وكأنهم هم من اختاروه ليخرجهم من أزمتهم التي ولدها نهج بيبي نتنياهو، وبدا واضحا أنه يستجدي بهم ليقبلوا به حلا لأزمتهم وأنه يمد يد العون دون الالتفات لقضايا شعبه الحارقة والتي لم يذكرها بخطابه وكأنه يقول للمجتمع الإسرائيلي أنا الذي يمثل مجتمعنا الفلسطيني بالداخل والباقي ليسوا سوى هواة يطالبون بقضايا ليست واقعية مثل إلغاء قانون كامينتس أو إلغاء قانون القومية، وأنا العربي الجيد الذي تبحثون عنه والذي يبحث عن الشراكة حتى ولو كانت على حساب قضايا شعبنا الحارقة.

لم يتوقع أحد هذا الخطاب سوى اللوبي المقرب من بيبي نتنياهو ومستشاريه المقربين، ووقع كالصاعقة على مسامع شريحة واسعة ممن صوتوا للقائمة الموحدة الذين آمنوا إيمانا مطلقا بالنهج المحافظ والمؤثر، إلا أنهم فوجئوا بتحريف الخطاب إلى خطاب مساوم وغير محافظ إطلاقا، إنما خطابا يحاول به السيد عباس مقايضة قضية شعب كامل ببعض المطالب الافتراضية والتي يراد منها التغطية على النهج الانبطاحي الذي تبناه منذ ظهر على الساحة السياسية.

نسي السيد منصور أنه يتعامل مع أكثر القادة الإسرائيليين خبثا، كما أنه تجاهل تحريضه لسنوات على العرب الفلسطينيين بالبلاد وأنه لا يمكن لنتنياهو أن يرى بالعرب شركاء ولا مواطنين إنما رعايا يلقي عليهم بعض الفتات.

أين أنت يا سيد منصور من المحافظة؟ وهل اقتصرت على موضوع المثليين؟ وماذا عن المحافظة على القيم والاخلاق الوطنية والدينية؟ أين أنت من المحافظة على الثوابت والقضايا الحقيقية الحارقة؟ لماذا ركزت هجومك على المثليين في كل دعايتك الانتخابية وتجاهلت هذا الموضوع في خطابك للمجتمع الإسرائيلي؟ وهل ستجرؤ على مهاجمة المثليين في محاولة انصهارك في المجتمع الإسرائيلي؟

أين أنت من الواقع والتأثير؟ فكل ما قمت به بخطابك، أنك مددت يد العون لليمين بالمجان وتركت عشرات الآلاف من المؤيدين يتلعثمون بمحاولة الدفاع عن نهجك، لأنك غررت بهم وتركتهم كالأيتام دون أدنى اعتبار.

كان حري بك يا سيد منصور أن تتوجه لأبناء شعبك الذين منحوك ثقتهم، لا أن تتوجه للمجتمع الإسرائيلي لتبحث لهم عن حلول، فهذه ليست وظيفتك، كما أنه لم يختارك الناخبون للقيام بذلك، وحري بك أن تعتذر لعشرات الآلاف من المؤيدين والذين حرضتهم وغررت بهم وذهبت إلى حيث أنت ذاهب.

يبدو أنك لم تقتنع بأن كل ما يريدوه منك هو أن تجسد شخصية الفزاعة الملتحية والتي سترعب بها باقي مركبات المشهد السياسي اليميني والذي سيقوم بمساندة نتنياهو شريطة إبقاء نهجك خارج المشهد.

فخطابك الانبطاحي الذي وجهته إلى الشارع الإسرائيلي أوفى بالغرض، فردود الفعل في الشارع الإسرائيلي واضحة، وعليك أن تتوقع أن الليكود سيشكل أكبر تحالف منذ اعتلاءه سدة الحكم فقط لإبقائك خارج اللعبة، فمهما حاولت تلميع نفسك، ستبقى بعينهم ذلك العدو العربي والمسلم والذي يجب محاصرته وتحجيمه.

عزيزي منصور، لن يقبلوا بك ولو قمت بإشعال أصابعك العشرة، فهم حسموا أمرهم منذ سنوات ولا يروا بمشروعك سوى خطر محدق على مشروعهم الصهيوني، ونصيحة لوجه الله، عد إلى رشدك قبل أن يسحقك اليمين وقبل أن تذهب بعشرات الآلاف من المؤيدين إلى التهلكة، فمشروع فلسطينيي البلاد واضح وصريح، وهو المطالبة بكامل الحقوق بشموخ وكبرياء، رغما عن كل قادة المؤسسة الإسرائيلية، وإثبات على ذلك هو سحق اليسار ومضاعفة قوة اليمين المعادية للعرب، ونهجك سيبقى على الرف، يستعمله بيبي كفزاعة لجمهور اليمين للضغط على ساعر، لبيد وبينيت وستبقى حضرتك في الموقف منتظرا صدور الأوامر.


تصميم وبرمجة: باسل شليوط