لجنة المتابعة العليا

منيب طربيه

أثار خبر إعادة انتخاب رئيس لجنة المتابعة الحالي لدورة ثانية موجة من الانتقادات خاصة بعد تزكيته من جديد لعدم وجود منافس له. كما عبر الكثيرون عن سخطهم من هذه المؤسسة وعجزها وأنها لا تفي بالغرض الذي أقيمت بسببه، وكأن لجنة المتابعة توفر مواردها اللوجستية والعسكرية ولا تهدد بها وقت الحاجة ولا تخرج أذرعها اللوجستية والدبلوماسية كتلويح بورقة التهديد أمام الهيئات الدولية.

لست من مؤيدي إعادة انتخاب السيد محمد بركة بهذا الشكل ولن أرضى بصفقات هنا أو هناك تؤدي بنهاية المطاف إلى ترويض لجنة المتابعة، كما أنه لا يمكن أن أتحول بليلة وضحاها من معاد ورافض للجنة المتابعة على أنها لا تتماشى مع طرحي في العيش المشترك وبناء يسار إسرائيلي، إلى مؤيد شديد عندما أقف على رأسها.

ولكن، بما أنه رأت مركبات لجنة المتابعة أن هذا الحل الأمثل لاستمرار عمل لجنة المتابعة وبما أنها ترى بالسيد بركة شخصية توافقية والتي من الممكن أن تساعد على اللحمة والعمل الوحدوي في مواجهة سياسات المؤسسة الاسرائيلية، فلا ضير بذلك حاليا، وكل من يرى غير ذلك فليستعد للمساهمة في إعادة بناء لجنة المتابعة كما يراها، فلا يعقل أن ننام نومة أهل الكهف ولا نعير لجنة المتابعة أي اهتمام ونطالبها بما لا تقوى عليه في هذه الإمكانيات وفي ظل هذه الظروف الاستثنائية التي تهرول بها الرجعيات العربية حجيجا بالإضافة إلى تواطؤ بعض القوى المحلية والتي بدأت تتجرد من عمودها الفقري وتحاول الانصهار في سمفونية المؤسسة الإسرائيلية.

السيد محمد بركة شخصية تستطيع أن تقوم بالمهام لتمثيل أبناء شعبه، ولا ضير باستمراره في رئاسة لجنة المتابعة، خاصة أن أكثرية المركبات تراه شخصية توافقية.

لا شك أننا كنا نفضل منافسة بين مرشحين ولكن لا ذنب لمن يقف على رأس المتابعة لعدم وجود منافسين له، امنا الذنب ذنبنا جميعا، هذا إذا يعتبر ذلك ذنبا. فلتقم التيارات الفاعلة على الساحة المحلية بإقامة جسم لرسم خطة جدية لتعزيز مكانة لجنة المتابعة وإقامة مؤسسات داعمة لها ولاستمراريتها.

وبدل النحيب على الحاصل بها فلنساهم جميعا في تعزيز مكانتها لتكون فعلا الممثل الرسمي وأعلى هيئة ومرجعية لفلسطينيي البلاد.

لا يمكن تحميل لجنة المتابعة بحلتها الحالية الكثير، فهي لجنة تفتقر لأقل الموارد والإمكانيات لاستمرارها، ولا ننسى أن المؤسسة الإسرائيلية لا تريد لها أن تكبر وتصبح مرجعية، فذلك لا يتماشى مع سياسة المؤسسة الإسرائيلية والتي تعتبر فلسطينيي البلاد رعايا وليس شعبا وعليهم الاكتفاء بالفتات الذي نعطيهم إياه، فكل محاولة لبناء جسم مستقل بعيدا عن انتخابات الكنيست، تعتبره المؤسسة الإسرائيلية مناهضا لشرعيتها وكيانها.

قلناها منذ سنوات إنه يجب بناء لجنة المتابعة مدعوما بصندوق قومي ومؤسسات تستطيع أن تسد رمق فلسطينيي الداخل ومساندتهم ودعمهم للعمل المشترك المساهم في رفعة المجتمع الفلسطيني في الداخل. فلنتخطى هذه الأزمة ولنبدأ بالتفكير مليا في بناء هيئة فلسطينية عليا تعني فلسطينيي الداخل ولنترك هذه النقاشات التي لا تساهم إلا في توسيع الفجوة بين مركبات المجتمع الفلسطيني في الداخل.

فبدل أن نتهجم على اختيار السيد محمد بركة لدورة جديدة، فلنقم بتحميله مسؤوليات إعادة بناء لجنة المتابعة من جديد، ضم قوى تمثيلية إضافية إليها، إقامة صندوق قومي، الانفتاح على المجتمع المدني، العمل على تعزيز مكانة لجنة المتابعة عربيا وعالميا وشروطا أخرى كثيرة حسبما يراها أبناء مجتمعنا، ولنقم بالتحول من مرحلة الانتقاد إلى الفعل.

ولنعمل على انتخابات مستقبلية مباشرة يتنافس بها مرشحون كثر، وإذا عاد الوضع في الانتخابات القادمة بترشيح السيد بركة لوحده، فطوبى له ولا ملامة إلا علينا فبذلك يكون قد أثبت للمرة الألف أنه قيادي وقام بمهامه، لذا فلنرفع سقف الطلبات من لجنة المتابعة ولنعمل سويا على تعزيزها لا التهجم عليها وعلى من يقف برأسها ولنؤكد الانتقاد لاحقا، فلنا الكثير ما يقال على ما يحصل في لجنة المتابعة وتمييع دورها.


تصميم وبرمجة: باسل شليوط