د. شحادة: تحالفنا يثبت أننا مجتمع أصلاني تربطه القومية العربية والتصدي للعنصرية

د. إمطانس شحادة

د. إمطانس شحادة من مواليد الناصرة عام 1972، الأب إدمون شحادة والأم أديبة كرام، متزوج وله ولدان وبنت، ومقيم في قرية عسفيا.

تخرج عام 1990 من المدرسة الأكليريكية في الناصرة. وحصل على اللقب الأول في الاقتصاد والعلاقات الدولية من الجامعة العبرية في القدس عام 1996. حصل على اللقب الثاني في العلوم السياسية من جامعة حيفا عام 2005 وعلى شهادة الدكتوراة في العلوم السياسية من الجامعة العربية عام 2014. تخصص في دراسة الاقتصاد السياسي والسياسات تجاه الاقتصاد العربي في الداخل، وفي التصرف السياسي للمجتمع الإسرائيلي وللمجتمع الفلسطيني في الداخل.

عمل منذ العام 2003 باحث في مركز مدى الكرمل، وشغل بين الأعوام 2012-2016 مدير الأبحاث في المركز. نشر عدة أبحاث ودراسات وكتب.

عضو في التجمع الوطني الديمقراطي منذ العام 1999، وانتحب لأول مرة في اللجنة المركزية عام 2011. وفي تموز 2016 انتخب أمينا عاما للحزب.

وبهذا الصدد، نستعرض أمامكم حوارا أجري مع د. إمطانس شحادة حول محاور عدة عشية انتخابات الكنيست المقررة يوم 9 نيسان/أبريل المقبل.

- "حزب يتجدد، بوصلة ثابتة" هذا كان شعار التجمع في مؤتمره الأخير لانتخاب قائمة المرشحين للكنيست، ما القصد من هذا الشعار؟

د. شحادة: "التجمع الوطني انتخب في المؤتمر الأخير (2.2.2019) خمسة مرشحين لقائمة الكنيست، وكلهم مرشحون جدد هم: 1. د إمطانس شحادة 2. هبة يزبك 3. مازن غنايم 4. محمد إغبارية 5. د. وليد قعدان. بذلك قمنا بعملية تجديد لقيادة التجمع البرلمانية. انتخبنا أشخاصا أكاديميين لهم باع طويل في العمل الحزبي السياسي والنضالي، لهم علاقات يومية مع أبناء شعبنا. هذه الانتخابات توجت عملية تجديد يمر بها الحزب منذ المؤتمر السابع الذي عقد عام 2016. التجمع أثبت مرة أخرى أنه حزب ديمقراطي حقيقي وأن المنافسة هي من أساسيات العمل الحزبي ومتجذرة في ممارسات وعقيدة التجمع. القائمة الجديدة ستمثل مشروع التجمع وتعمل على حماية مصالح المجتمع العربي، المدنية والقومية، كما عملنا على مدار 20 عامًا. القائمة الجديدة ستستعين بخبرات أعضاء الكنيست الذين أنهوا عملهم في الكنيست وراكموا خبرة وتجربة كبيرة. مشروع التجمع وبرنامجه السياسي الديمقراطي الذي يرمي لإقامة نظام يساوي بين كافة المواطنين بصيغة "دولة المواطنين"، ويطالب بالحقوق الجمعية للمجتمع العربي، والحكم الذاتي الثقافي، وإقامة مؤسسات جماعية".

- كيف تقيم الانتخابات الحالية؟

د. شحادة: "من خبرتي في دراسة المجتمع الإسرائيلي والنظام السياسي، والعمل الطويل في الحقل السياسي، أرى أن الانتخابات القادمة مفصلية بالنسبة للمجتمع العربي بل وللحالة السياسية في المنطقة. ففي حال نجح اليمين الفاشي بتشكيل الحكومة القادمة وحصل على دعم المجتمع الإسرائيلي، وبقي نتنياهو رئيسا للوزراء، سيعمق سياسات العداء والإقصاء والتمييز تجاه العرب، وستعمل حكومته على إنهاء قضايا الحل في القضية الفلسطينية من طرف واحد وبمساعدة حلفاء إسرائيل العرب والولايات المتحدة. وسيقود نتنياهو وزمرته إسرائيل لحالة فاشية متديّنة. أما إذا فشل اليمين المتطرف في تشكيل حكومة وشكلتها أحزاب اليمين مثل غانتس ولبيد فربّما ندخل في مرحلة محاولة إعادة عجلة المفاوضات العقيمة مع السلطة الفلسطينية.

- في ظل هذه الأهمية للانتخابات القادمة، لماذا فشلت الأحزاب العربية في الحفاظ على المشتركة؟

د. شحادة: "أعتقد ان السؤال الصحيح في هذه الحالة هو لماذا أرادت بعض الأحزاب تفتيت المشتركة وعدم الحفاظ عليها، بينما أرادها الآخرون، تحديدا في هذه الظروف السياسية الخطيرة. من حيث المبدأ الأحزاب السياسية التي تعاملت مع القائمة المشتركة كوسيلة للوصول إلى الكنيست وتصفيت كراسي لم تكترث كثيرا ولم تبذل جهدا حقيقيا للحفاظ على المشتركة، وكان همها الأساسي تركيب تحالف بديل لتخطي نسبة الحسم. أما التجمع فقد تعامل مع المشتركة كجزء من مشروعه السياسي وبرنامجه منذ العام 1999 لذلك بذل جهدا وتنازلات للحفاظ على المشتركة، وكذلك قيادات القائمة الموحدة بذلت جهدا حقيقيا في هذا الاتجاه. أما عينيا، فقد تفككت القائمة المشتركة حين انشق عنها طيبي وادعى أنه سيخوض الانتخابات وحده وأنه سيحقق انتصارا باهرا قد يصل إلى سبعة مقاعد. وقد وضّح طيبي في عدة مناسبات أن خلافه الأساسي كان مع الجبهة وعدم تقبله لرئاسة أيمن عودة للمشتركة. كذلك فإن تعامل الجبهة مع المفاوضات ومحاولتها لتحقيق إنجازات على حساب الشركاء كما كان عام 2015 لم يكن مقبولا علينا وعلى الموحدة. هذه العوامل التي أدت إلى تفكيك المشتركة".

- لماذا لم تذهبوا إلى تحالف ثلاثي مقابل قائمة طيبي؟

د. شحادة: "خيار التحالف الثلاثي وضع على طاولة المفاوضات فعلا، لكنه لم يلق حماسا لدى الأحزاب الثلاثة في الصيغة المطروحة، وكونه سيحول المعركة الانتخابية بين داعمي القائمة المشتركة ومعارضيها ولن تعكس الانتخابات رغبة المصوت العربي الحقيقة. لن يكون مكان للسياسة والنقاش السياسي وطرح برامج في هذه الحالة إنما تصويت سلبي".

- اخترتم في نهاية المطاف التحالف مع القائمة الموحدة - الحركة الإسلامية، كيف تفسر هذا التحالف؟

د. شحادة: "لا بد من الإشارة هنا إلى أننا في العام 2015 وقبل تشكيل القائمة المشتركة توصل التجمع والإسلامية إلى تفاهم لخوض الانتخابات في قائمة تحالفية، لكننا اتفقنا أن نعمل على تشكيل قائمة مشتركة كخيار أول واستراتيجي، وفي حال فشلنا نذهب لتحالف ثنائي. حينها فضلنا القائمة المشتركة ودفعنا ثمنا غير واقعي للجبهة لكي تدخل المشتركة كونها عارضت تاريخيا إقامة قائمة عربية مشتركة، فحصلت الجبهة على المكان الأول وخمسة مقاعد من أول 15. كذلك تأثر قرارنا من الأجواء الكارثية في محيطنا العربي، والانقسام في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67. ونجحنا في إقامة المشتركة.

بعد إقامة المشتركة اكتشف عدد قسم من الأحزاب أنه بإمكانها التعايش مع بعضها البعض وأن تدير الخلافات وأن تتخلى عن المعتقدات والأفكار المسبقة عن بعضها البعض. وفي حالتنا فإن علاقاتنا السياسية والشخصية مع النواب عن الحركة الإسلامية كانت جيدة جدا، وكان التعاون جيدا بيننا في العمل البرلماني. أكبر مثال على ذلك كانت قضية التناوب. وأيضا كانت أجواء جيدة بين الحزبين خارج الكنيست، مثل لجنة المتابعة واللجان الشعبية والعمل الميداني المشترك في العديد من الحالات. من المهم أن نوضح هنا أن الحديث يدور عن تحالف سياسي لخوض الانتخابات لا عن اندماج أو انصهار فكري إيديولوجي. سنذهب معا لنمثل أكبر تحالف وطني مسؤول في المشهد السياسي الحالي، ونعم ستبقى هناك خلافات ونقاشات بيننا وبين القائمة الموحدة. نخوض الانتخابات وفق برنامج مبني على البرنامج السياسي للمشتركة، نناضل ونتحدى سوى، ونناقش الخلافات ونعرف كيف نديرها.

في الوضع الراهن هذا تحالف متين مبني على احترام متبادل وعلى قناعة في الحفاظ على عمل وحدوي يعكس قناعتنا في الحاجة لمأسسة العمل السياسي، ولم يأت في الدقيقة التسعين كمخرج من أزمة. وأود هنا أن أوضح أن التجمع والقائمة الموحدة وصلا إلى تفاهم أولي منتصف شهر شباط وأعلنا عنه في وسائل الإعلام وقلنا إن الهدف من هذا التفاهم هو إعادة تشكيل القائمة المشتركة، وأردنا أن نعطي الأحزاب الأخرى وقتا لمراجعة مواقفها، كذلك اهتممنا أن نعلن عن الاتفاق النهائي بين التجمع والإسلامية بداية الأسبوع المنصرم، أي قبل أربعة أيام من الموعد الأخير لتقديم القوائم، لكي نعطي فرصة إضافية وأخيرة للأحزاب الأخرى بأن تراجع مواقفها وأن نعمل بصدق لإعادة تشكيل القائمة المشتركة، لكن مرة أخرى وعلى الرغم من الجهد الكبير الذي بذل لغاية ساعة قبل تقديم القوائم، اكتشفنا أن الجبهة وطيبي لم يغيروا موقفهم ولن يعودوا إلى القائمة المشتركة وسيخوضون الانتخابات في تحالف ثنائي.

هذا التحالف سيمنع هدر أصوات عربية وتقليل تمثيلهم في الكنيست. وكما كان التجمع دائما فإنه سيبقى تيارا سياسيا يجمع بين العلماني والمتدين، وبين المحافظ والليبرالي، سيستمر في نفس النهج والاعتراف بالتعددية القائمة داخل مجتمعنا نحترمها ونستوعبها، وأنا على قناعة أن هذا التحالف مفيد لمجتمعنا ويثبت أننا مجتمع أصلاني تربطه القومية والانتماء والتصدي لعنصرية وعدائية المؤسسة الإسرائيلية. أهلنا في حيفا مدركون تماما للواقع السياسي والحزبي التي تمر به إسرائيل ويتابعون سياسات التمييز والعداء، لذلك سيدعمون هذا التحالف الذي يمثل أكبر شريحة مجتمعية في المجتمع العربي في الداخل".

- أنت المرشح الأول في قائمة التجمع، ماذا ستفعل في الكنيست وكيف ستساهم في خدمة المجتمع العربي؟

د. شحادة: "عملت كباحث لمدة 15 عاما تقريبا ودرست السياسات الاقتصادية تجاه العرب في الداخل، سياسيات التمييز على أشكالها، كما أنني أعمل في الحقل السياسي والحزبي منذ أن كنت طالب ثانوية، لذلك فأنا على تواصل مع شعبنا وقضاياه ومشاكله وفهمت من خلال أبحاثي طبيعة وخبايا السياسة الإسرائيلية. من هنا سأركز في العمل البرلماني على قضايا يومية معيشية لها علاقة بالمكانة القومية الجماعية للمجتمع العربي. 

سأهتم مثلا بتطوير وتنمية الاقتصاد العربي تنمية مستدامة وحقيقية، ففي الوقت الراهن غالبية السياسيات الحكومية تتمحور في زيادة ميزانيات السلطات المحلية والاستثمار في دفع النساء العربيات المشاركة في أسواق العمل. هذه الأدوات لا تكفي لتحقيق تغيير جدي في الأوضاع الاقتصادية للمجتمع العربي. التطوير الاقتصادي المستدام يحتاج إلى موارد، مالية بشرية وفيزيائية - بنى تحتية. التطوير الاقتصادي يحتاج إلى مناطق صناعية حديثة ومتطورة، وهذا يحتاج لإعادة أراضي للبلدات العربية وتوزيع مخططات النفوذ.

كذلك لا يمكن فصل التطوير الاقتصادي عن تغيير أوضاع جهاز التعليم العربي. لذلك يجب العمل على تحضير الطلاب لأسواق العمل المتغيرة، من خلال زيادة التخصصات العلمية وتنويعها في المدارس الثانوية. ومهم جدا تنويع التخصصات العلمية لدى النساء العربيات بالذات إذ لا يجوز أن تستمر النساء في التخصص بمجالات التربية والتعليم والعمل الاجتماعي أو المهن المرافقة للطب، فبعد فترة سيكون إشباع في أسواق العمل وتتراجع الفرص المتاحة للنساء العربيات في إيجاد أماكن عمل.

كذلك لا يمكن الحديث عن تطوير اقتصادي دون الحديث عن تغيير شامل لسياسات التخطيط، في البلدات العربية وفي الأحياء العربية بالمدن الساحلية المختلطة. التخطيط القائم حاليا هو تخطيط عدائي للمجتمع العربي يخدم أهداف الدولة وليس مصلحة وحاجات المجتمع العربي بإقامة أحياء وبلدات جديدة تساهم في تقليل الكثافة السكانية. المطلوب تحويل مبدأ التخطيط إلى تخطيط عادل وإشراك المجتمع العربي في التخطيط بكل مراحله وتغيير نهج التعامل مع العرب كأعداء حتى في التخطيط".


تصميم وبرمجة: باسل شليوط