لقاء بين الجبهة والتجمع: تحقيق الخدمات اليومية لا يأتي بخفض السقف السياسي

لقاء الجبهة والتجمع

بعد سلسلة من اللقاءات الثنائية منذ أشهر بين الطرفين جرى لقاء بين وفدي الجبهة والتجمع، يوم السبت الماضي 31/10/2020 في مكتب الجبهة في الناصرة، وتمثل وفد الجبهة بكل من :سكرتير الجبهة منصور دهامشة، رئيس القائمة المشتركة النائب أيمن عودة، النائب عوفر كسيف، رئيس الجبهة عفو إغبارية، سكرتير جبهة الناصرة ماهر عابد.

وتمثل وفد التجمع بكل من :أمين عام التجمع مصطفى طه، نائب الأمين العام يوسف طاطور، رئيس الحزب جمال زحالقة، رئيس كتلة التجمع النائب إمطانس شحادة، النائب هبة يزبك، والنائب سامي أبو شحادة .

وتمحور اللقاء حول ضرورة العمل المشترك للأطر السياسية الفاعلة على ساحة فلسطينيي الداخل لمواجهة المخاطر السياسية الجدية التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني وثوابته الوطنية في ظل ما سُمي بـ"صفقة القرن" التي تقود لهرولة متسارعة لأنظمة العار العربية للتطبيع المجاني مع إسرائيل، وتضرب شعبنا الفلسطيني بالخاصرة غدرا في الوقت الذي لا زال يرزح تحت جرائم الاحتلال ومصادرة الأرض والتهويد المستمر. وأكد الطرفان أن السلام الذي لا يستند على إنهاء الاحتلال لا يُعوّل عليه.

واتفق المجتمعون على ضرورة تعزيز دور ومكانة الأحزاب والحركات السياسية، خصوصا وأن المؤسسة الصهيونية تعمل بمنهجية على الدوام لدق الأسافين بينها وبين قواعدها الشعبية، بمحاولة بث الإحباط والتيئيس الدائم الهادف أساساً لإيصال رسالة مفادها "لا جدوى للعمل السياسي، ولا جدوى للنضال الوطني في النهاية"، وهو الأخطر. وإعادة الاعتبار للعمل النضالي الوطني المكثف بشكل وحدوي هو واجبٌ وضرورة حتمية تستوجبه المخاطر الجدية التي تتهددنا جميعا كعرب، بغض النظر عن الانتماء الحزبي والفكري والاجتماعي.

وأكد الطرفان على أن صراعنا مع المؤسسة الصهيونية العنصرية نخوضه من كوننا عرب فلسطينيين نتعرض للظلم والاضطهاد كأقلية قومية، لا كأقليات دينية أو طائفية كما يحاول البعض فرز المجتمع بناء عليها بشكل خطر، بسلوكٍ فيه التطرف الاجتماعي تقابله الليونة السياسية بهدف التغطية على الانحراف السياسي الذي يخرق المسلّمات بحجة تحقيق الخدمات اليومية، بمعزل، وعلى حساب الحقوق القومية الجمعية بنوعٍ من المقايضة التي لا تقود إلا إلى الانزلاق السياسي الخطير.

كما أدان الطرفان تصريحات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، العنصرية المسيئة للإسلام والمسلمين والإساءة للرسول العربي محمد (صلى الله عليه وسلم) وكل الممارسات المسيئة للأديان السماوية عموما ورموزها وأماكنها المقدسة، أو قتل الأبرياء بشكل إجرامي بدوافع طائفية مقيتة ومجرمة أيًا كانت انتماءاتهم.

وتفاهم الطرفان على ضرورة التنسيق على جميع الساحات الممكنة، من لجنة المتابعة التي يجب العمل على مأسستها والتحضير لانتخاب مؤسساتها مباشرة، والقائمة المشتركة التي جاءت لتعبّر عن الوحدة في زمن الانقسام كخطوة أولى في مسيرة تنظيم أنفسنا كعربٍ فلسطينيين، واتفق الطرفان على أن القوة التي تمثلها كتلة بهذا الحجم غير المسبوق قادرة على تفعيل طاقاتها القائمة أضعاف ما هو قائم، ويجب العمل فورا للتنسيق التام بين مركباتها لاستثمار كامل الطاقات المهنية، كما اتفق على التنسيق في كافة الساحات الممكنة، من لجنة الرؤساء، والسلطات المحلية والبلدية واللجان الشعبية، وإعادة تفعيل لجان الطلاب العرب في الجامعات، وغيرها من الساحات التي تقتضي توحيد الجهود للنضال الجماهيري اليومي على الأرض مع الجميع بوصفه الأهم، بموازاة العمل من خلال المؤسسات الرسمية.

واتفق الطرفان على ضرورة اللقاءات الدورية وفتح باب النقاش بشفافية وصراحة في القضايا الخلافية الجوهرية، كما كان الحال في اللقاء نفسه، وتم الاتفاق على لقاء موسع خلال شهرٍ من هذا اللقاء بمشاركة كل أعضاء المكتب السياسي للطرفين، وتتولى لجنة ثلاثية من كل طرف مهمة تخضير أوراق العمل لوضعها على جدول اللقاء القادم للتداول والنقاش والتلخيص.

وفي تعقيبه لماذا اللقاء مع الجبهة بالذات، الآن، عقب أمين عام التجمع، مصطفى طه، بالقول إنه "منذ أُعلن عن صفقة القرن وأدركنا أن القضية الفلسطينية تمر في أخطر مراحلها التاريخية، وأن مواجهة المخاطر الحقيقية التي ستواجه شعبنا تستوجب إيجاد نقاط التقاطع المشتركة مع جميع القوى السياسية الفاعلة، بما فيه الداخل الفلسطيني، بادرنا في المكتب السياسي للتجمع للقاء الفصائل الفلسطينية لإسماع وجهة نظرنا كفلسطينيين، لا كيسار إسرائيلي أو احتياطا له كما يتصرف البعض، واجتمعنا مطولاً مع فصيلين حتى الآن وشرحنا موقفنا بوضوح، وبلا مجاملة بالطبع، ورأينا منذ اللحظة الأولى أن إنهاء الانقسام الفلسطيني وتحقيق الوحدة هو الشرط الأول لمواجهة المخاطر، واجتماع الأمناء العامين للفصائل كان الخطوة المباركة الأولى، لكنها ليست كافية، ويجب تكثيف الجهود كاملة لإنجازها فعليا تقود في النهاية إلى إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل مؤسساتها والاتفاق على استراتيجية واضحة للنضال تستند على التمسك بالثوابت الوطنية وتقود نحو سيادة الدولة بكنس الاحتلال".

وأضاف طه أن "الداخل الفلسطيني هو جزء من هذه المعادلة بالطبع، ونؤمن حتى النخاع أن إيجاد نقاط العمل المشترك مع جميع القوى السياسة الفاعلة، بما فيه خارج البرلمان، هي الضمان الوحيد لمواجهة المخاطر الحقيقية الجدية التي تواجهنا، وعليه فتحنا قنوات مع الجميع بلا استثناء، واتفقنا مبدئيا على اللقاءات، للاستماع وإسماع موقفنا بلا مجاملة، ولكن باحترام وتواضع في الوقت ذاته، فالتعامل مع المختلف بفوقية واستعلاء بأسلوب الوعظ المحتكر للحقيقة هو خطيئة لا تقود إلّا لخدمة المشروع الصهيوني الذي يتهددنا مُجتمعين".

وأكد الأمين العام للتجمع أنه "نناقش الموقف لا الأشخاص، وحتى في أوج الخلاف لا ننسى أن للناس كرامة لا نقبل المس بها، والسهام يجب أن تتركز على الأحزاب الصهيونية ووكلائها لا على أبناء مجتمعنا، رغم النقد الشرعي أحيانا. قيادة شعبنا في الداخل، بكامل أحزابها وحركاتها السياسية، ولجنة المتابعة، والقائمة المشتركة، كيف يحوّلهم البعض إلى العدو الأساس في الوقت الذي لا تسمع فيه كلمة عن القوائم العربية اليهودية التي تسعى المؤسسة لإحيائها لضرب المشترك بيننا؟!".

وختم طه بالقول إن "الظرف التاريخي لا يحتمل شططا سياسيا لا مسؤولا، وإيجاد نقاط الالتقاء مع المختلف على ساحتنا الوطنية لم يعد ترفا نمارسه في وقت الفراغ، بل هو ضرورة حتمية للصمود في تحدي التحديات".


تصميم وبرمجة: باسل شليوط