لم يبق من "المشتركة" غير اسمها

إكتشاف أن المشتركة تلفظ أنفاسها الأخيرة لا يستوجب حرفية، إذ يكفي أن تكون ناقدا أو محللا ما دون الوسط لتكتشف ذلك. وطبعا لا تسعف محاولات الإنعاش والنكران التي ينتهجها بعض نواب أو سكرتاري الأحزاب المركبة للمشتركة.

فأزمة التناوب كشفت عورات وعيوب المشتركة التي طالما تحدثنا عنها منذ نشأة هذا الكيان.

لقد تقبلت الأحزاب هذا التحالف الانتخابي على مضض خاصة بعد رفع نسبة الحسم في الدورة السابقة، أي "مرغم أخوك لا بطل".

لقد غررت قيادات بعض الأحزاب بجمهورها، وكأن هذه التركيبة إرادة شعب، نفسه الشعب الذي لم تلتفت إليه قيادات بعض الأحزاب ولَم تأبه لهمومه، وأخفت عن جمهورها نواياها المبيتة وأهدافها الرخيصة بالتصارع على المقاعد.

البرنامج السياسي، قدس الله سره، هل ناقشه أعضاء القائمة المشتركة، هل ناقشته مؤسسات الأحزاب؟

أيعقل أن تتحالف الأحزاب الثلاثة المركزية للأقلية الفلسطينية في الداخل (القومي /الشيوعي /الاسلامي ) دون أدنى مستوى من النقاش حول برنامج سياسي يحدد سقف المطالَب ويتوافق مع رؤية مشتركة للصراع مع المؤسسة الصهيونية؟

أتحدى كل من يذكر لي من المتابعين للسياسية المحلية مقالا واحدا، ناقش الطرح السياسي للمشتركة، في الوقت الذي نعي فيه جميعا، أنه خلال العامين والنصف المنصرمين، كان خطاب المشتركة ضعيفا وباهتا وتميز بالعشوائية تارة، وبالنزق تارة أخرى.

لست بصدد الخوض بمحاولات أيمن عودة الناجحة في جر المشتركة إلى خطاب "ميرتس" السياسي، وكونه الأول في القائمة، تمتع الأيمن بهيمنته على الإعلام العبري وحتى الأجنبي، وبرز هناك استنجاده أحيانا واعتذاراته أحيانا أخرى "كوأيڤ لي دانا".

في نهاية المطاف كنّت وما زلت مؤمنا ببرنامج حزبي "التجمع الوطني الديمقراطي"، أي تنظيم شعبنا على أساس قومي ديمقراطي، وإقامة قائمة مشتركة حقيقية، ولجنة متابعة منتخبة من الناس مباشرة وليست لجنة منتخبين.

إقامة القائمة المشتركة يجب أن تكون بعد مخاض عسير تخوضه الأطراف المتحالفة على بناء برنامج سياسي يناقش ويستند إلى أوراق كتبت في الماضي. "وثيقة حيفا" على سبيل المثال، لا الحصر.

المشتركة أهدرت طاقات جمة على قضية التناوب، حبَّذا لو صرفنا هذه الطاقة على برنامج يجمعنا كتيارات مركزية، برنامج حقيقي وليس موضوع إنشاء، لا يذكره أحد ولا يلتزم به أحد.

الوعي السياسي الحقيقي لحمل الهم الوطني هو مطلب الساعة، فعلى كل التيارات التجرد من مصالحها الحزبية والشخصية من أجل بناء إطار حقيقي يهتم بشأن فلسطينيي البلاد وامتدادهم العروبي، والتركيز على حق سكان البلاد الأصلانيين بالعيش بحرية وكرامة.


تصميم وبرمجة: باسل شليوط