الشراكة أمانة.. فصونوها

منيب طربيه

يحاول بعض السياسيين العرب في أيامنا الخروج بسبق هنا أو هناك او عرض اجزاء حلول، محاولة منهم فرض شخصهم واستغلال المكانة التي منحه اياها فلسطينيو الداخل في الانتخابات الاخيرة في حين يتشبهون بقيادات عالمية خرجت من صلب الازمات بتزلف، استعلاء ورومانسية ونضال افتراضي، دون الالتفات الى تفاصيل كينونة ووضعية شعبنا وما مر به من ازمات متتالية والتي اوصلتنا الى ما نحن عليه اليوم.

فالقيادة الحقيقية هي تلك التي تعمل على تعزيز مكانة شعبها في كل الميادين باخلاص وامانة متناهيتين.

لست بصدد انتقاد القائمة المشتركة الان، فذلك سابق لأوانه، خاصة وان الحديث يدور عن صفة تمثيلية لشعب متعدد التوجهات والاراء، وذلك يزيد مهمة تعزيز مكانة المشتركة تعقيدا، فخطوة الشراكة مباركة، وانتقادها امر واجب وضروري ولكن ليس الان خاصة واننا اجتهدنا كثيرا على اخراج هذه الشراكة الى حيز التنفيذ، ولكن انتقاد الاشخاص داخل المشتركة وخاصة اولئك الذين يحاولون قيادتها الى مسارات لا تعكس الغاية منها، امر ضروري وملح.

نحن شعب متعدد التوجهات والانتماءات ويتميز بتعددية فكرية، دينية، سياسية وغيرها من الاختلافات، فالجدير بمن استلموا قيادة المشتركة العمل على وحدة الصف وان يعملوا على بناء صرح جامع لفلسطينيي البلاد وان لزم الامر لبعض القوى الديمقراطية النقية من الفكر الصهيوني التوسعي الاستعماري.

الا انه بات واضحا في نهج بعض القيادات الخروج عن الاجماع وعن الغاية المرجوة ومحاولة ضرب ارادة الشعب بعرض الحائط والتخطيط لمشروع شراكة كسيح مع يسار بائد او تفضيل مجموعة عن اخرى بمحاولات صراع هزيل على من يظهر اكثر على الشاشة اكثر منه في الميدان بالتفرد بعمل تطوعي هنا او هناك.

ان كل مشروع لا يضع هم ومكانة فلسطينيي البلاد عامة ويخدم مجموعة على حساب اخرى وخاصة اولئك الذين يحاولون احياءه لغايات غير واضحة، هو مشروع بائس ومرفوض.

لمن يحاول تحريف الواقع على الساحة الاسرائيلية نسمع لانفسنا ان نوضح له ذلك، فاليوم يتفرد اليمين واليمين المتطرف بالسلطة والمجتمع الاسرائيلي، في حين يلتقط اليسار انفاسه الاخيرة ولا يقوى على التعبير عن نفسه، كما ان صوته غير مسموع لان من ظن انه جمهوره يوما ما، ينعم اليوم بحضن اليمين الذي يتغنى بصهينة البلاد فضلا عن تهويدها، بعيدا عن الالتفات لاي مركبات اخرى في المجتمع كالفلسطينيين على سبيل المثال.

كما ان الصراع داخل المجتمع الاسرائيلي على اشده خاصة على من يستحق قيادة المشروع الصهيوني التاريخي وينفذه بحذافيره كما اورثه الاباء منذ اكثر من مئة وخمسون عاما.

فالصراع على الساحة الاسرائيلية بين من سيحافظ على المشروع الصهيوني وصيانته، وليس صراع بين اليمين وبين اليسار الديمقراطي التقدمي كما يدعي البعض. وبذلك محاولة احياء اليسار غير الموجود اصلا على الساحة السياسية الاسرائيلية فيها خدمة كبيرة لاحياء المشروع الصهيوني متعدد التيارات ويخفف من وطأة تنفذ اليمين الجديد في مشروع، معالمه غير واضحة على عكس المشاريع السابقة والتي انتهت بانتهاء كبار الصهاينة كشارون ورابين.

ليكن واضحا لدى الجميع ان الساحة السياسية الاسرائيلية على اختلاف مشاربها، ما هي الا خدمة للمشروع الصهيوني وبالمقابل مشروعنا الذي يتمثل بالمشتركة والتي من المفروض ان تعزز مكانتها بين فلسطينيي الداخل وما تبقى من قلة قليلة من القوى الديمقراطية داخل المجتمع اليهودي.

ولكن المؤسف ان وعي بعض القيادة على الساحة الفلسطينية المحلية، اما محدود واما موجه، هل بهذه السهولة ممكن تجاهل ثوابت المشروع الصهيوني الواضحة وضوح الشمس والتي يتظلل بها اليسار الاسرائيلي كيمينه ؟ وهل يحق لبعض قيادة المشتركة التصرف على ان العمل الحقيقي ظهر مع بزوغ شمس المشتركة ؟ كيف لمن يعول على اليسار الصهيوني ان يجرده ويبرئه من جرمه المشهود من قتل، ذبح وملاحقة ومن سياسته الاستعمارية التوسعية؟

فمن الاجحاف والظلم ان تنسب لنفسك حماية المشروع وقيادته بتفرد بعيدا عن الاشخاص والمشروع الحقيقي، فلا يعقل ان تعول اليوم على شراكة او مشاريع تميع الهدف الحقيقي من الشراكة وتجتهد على استغلالها كأساس لبناء مشروع شراكة مع ما يسمى يسار والذي انتهى مع انتهاء حفلة استقلال دولة اسرائيل ولم يتعدى كونه تكتيك متبع وسرعان ما عادت التيارات الصهيونية الى معاملة قادة فلسطينيي البلاد ممن كانوا شركاء لهم كاعداء.

ان محاولة تلبيس ابراهام بورغ في احد مؤتمرات الحزب باءت بالفشل وفي حينه لملم ابراهام بورغ حطام اليسار واختفى وذلك كان بفضل الوعي السياسي عند قسم من الرفاق خاصة اولئك الذين تيقنوا ان بورغ يريد اعادة عهد اليسار الصهيوني على اكتاف الحزب والجبهة لا اكثر وباءت هذه المحاولة بالفشل.

شرعي ان تؤمن بمبدأ معين وان تقود الى تحقيقه ولكن ما ليس شرعي هو استغلال مجموعة انجازات وتنسبها لنفسك وان تقوم بالتفرد بالقرارات لتكون ملاذا او منقذا ليسار بائد منذ سنوات.

عزيزي ايمن عودة، لا احد يمنعك من بناء سد منيع في وجه الفاشية ولا احقية لاحد عليك في مشروعك الشخصي، فانت حر طليق بانتهاج ما ترتئيه، ولكن بعيد عن المشتركة التي اختارتها الناس كيفما هي وليس كيفما تخطط لها.

ليس خفيا على احد ان مشروع اليسار الاسرائيلي ذهب بلا رجعة، فالنفسية العسكرية الاقصائية الاسرائيلية هي التي تسيطر على المشهد وهي التي يرى بها المجتمع الاسرائيلي ملاذه.

ففضلا عن الهرولة وراء اليسار الصهيوني، محاولا انقاذه من الهلاك، حبذا لو ساهمت في تعزيز الشراكة بين رفاقك للدرب في المشتركة، فهم اولى بالشراكة من اليسار الذي اجحف في حقنا تاريخيا، كما وان ما يسمى باليسار الاسرائيلي يبعد عنا نفس المسافة التي يبعد عنا يمينه، فهم مجمعين على تحقيق حلم الصهيونية ومشروعها الاستيطاني والتدعيمي.

او اذا كان ولا بد فيا سيدي، اترك المشتركة واذهب لبناء الشراكة المرجوة مع اصدقاء الامس، فنحن شعب ما زال يعاني من التفرقة وتعدد التيارات ويحتاج للكثير من الدعم والبناء للخروج من ازمة طبخها له اليسار منذ سنوات. فمشروع المشتركة واضح المعالم ويحتاج للكثير الكثير من العمل، حبذا لو استثمرت فيه وعندما تنبت بوادر يسار حقيقي، نحن من سيساعدك على ضم قوى ديمقراطية يسارية حقيقية، اما الان فيا سيدي، الامور بعيدة كل البعد عما تحاول تسويقه، فالتاريخ والحاضر يشهد كم اجحف ذلك اليسار الذي تجسد مؤخرا بالمعسكر الصهيوني وميرتس، فمن تسميتهم ومشروعهم تستطيع الاستنتاج كم هم بعيدون عنا.

إن اخطر ما في الامر هو محاولة الفصل بين الحاضر وبين سيرورة المشروع الصهيوني منذ نشأته وما قام به ضد فلسطينيي البلاد من سياسات قمع، ترهيب، ترحيل وقتل. فسيرورة المشروع الصهيوني بحالة تطور وحتلنة وبناء، حسب الاسس التي تبناها كبار القادة الصهاينة امثال بنسكر، هرتسل، مونتفيوري، بنغوريون، بلفور، برنباوم، هيكلر وغيرهم.

فالفرق بين مشروعهم ومشروع بعض من قياداتنا العابرة هو ان مشروعهم المدروس والخطير هو ذاته منذ عشرات السنين وفقط باختلاف الشخصيات والادوار، وبين مشروع بعض قياداتنا الانفرادي والانبطاحي والذي يفتقد الى الارتباط بقضية فلسطينيي البلاد وما مروا به من هزات، نكسات ونكبات وكأننا سقطنا من السماء في الامس وظهر فقط مع ظهور مشتركة الاشخاص.

ففي الانتخابات الاخيرة، حاولت بعض القيادات تسويق بيني غانتس ومشروعه على انه المسيح المنقذ وذلك عن طريق التحريض الممنهج على نتنياهو، متجاهلين سيرة غانتس العسكرية والسياسية ومحاولة تصويره على انه يساري وحمامة سلام وسيقوم بانقاذنا من نتنياهو، وفعلا قامت مجموعة من السياسيين ببث الدعاية للتأثير على تصرف فلسطينيي البلاد الجمعي محاولين تسويق ما يسمى "عدو عدوي صديقي" ولكن هذه الزمرة من القيادة لم تتصرف بعقلانية قصدا او بغير قصد، وسرعان ما خذلهم غانتس بتصريحاته لان عينه على اصوات ودعم العرب ولكن عقله وقلبه على جمهوره الصهيوني ومشروعه. فنحن كفلسطينيين بواد وغانتس وزمرته بواد، فما يسمى اليسار الاسرائيلي (الذي ساشرح عنه لاحقا) لم يأت لانقاذ فلسطينيي البلاد من نتنياهو بالمطلق، ولا اتى لتعزيز القيم التقدمية والديمقراطية، إنما جاء غانتس مدججًا بترسانة عسكرية وسياسية تستند لمرجعية صهيونية ثابتة، ترى بنتنياهو خطر على استمرارية المشروع الصهيوني الاستيطاني والتدعيمي، ففي فترة نتنياهو تضررت مكانة المشروع الصهيوني، واهتزت الثقة بين جنود الصهيونية والقيادة، فشخصية نتنياهو المشبوهة والتي تتصرف بتعالي وبيد تتطاول على مقدرات الدولة والمال العام، باتت توضح لمجندي المشروع الصهيوني، ان المشروع اكذوبة وحتى من ترعرع وتربى على ذلك المشروع بدأ يخونه. حيث اعتبر الصهاينة الجدد الذين تشدقوا بها على مدار سنوات، ان كل تمادي على مقدرات الدولة الصهيونية فيه الكثير من التجي ويخدش حيائهم.

فوجع غانتس وزمرته لا ينبع من قلقه على حقوق المواطنين العرب في البلاد، ولا على الشراكة التي يهرول بعض من ابناء جلدتنا وراءها، فهذه المجموعة هللت لشارون، رابين، شمير وبيريز لانهم لم يخذلوا آبائهم الروحانيين كبينسكر، مونفيوري وغيرهم، بل ساروا على خطاهم وتمثلوا بهم، اما نتنياهو فنقض العهد وسار بمشروعه الشخصي متجاهلا الاباء والاجداد ومشروعهم (الاباء والاجداد ونتنياهو بالنسبة لنا سيان) فهم يرون نتنياهو خطرا على المشروع في حربه امام الاعلام والقضاء على شخصه فضلا عن المشروع الصهيوني الذي من المفروض ان يحمله كيفما تحرك.

لسنا بحاجة لمحللين سياسيين ولا الى عرًافات لفهم. ذلك، ولكن ما هو السبب الذي يجعل قيادات فلسطينية في الصف الاول، تؤمن ان غانتس بديل جيد وانه سيخدم المواطنين الفلسطينيين والقضية الفلسطينية، ومن يقف وراء ذلك الانبطاح والبحث عن شراكة مع اليسار الاسرائيلي غير الموجود اصلا؟

تتميز مسرحية الديمقراطية الاسرائيلية بتعدد الاحزاب وتتميز باختلافاتها وخلافاتها بحسب المرجعيات الدينية والسياسية بنفس الخلافات بين تيارات الحركة الصهيونية منذ تأسيسها، ونحن كفلسطينيين لسنا لاعبين اساسيين في هذه التركيبة ولن نكون وان اردنا ذلك، لن يسمحوا لنا بامتطاء اي دابة في الطريق الى القدس.

الصهيونية الدينية، السياسية، العمالية، الثقافية، العملية، هي التيارات التي نشأت مع استفحال النقاش بعد ظهور الحركة الصهيونية مباشرة، والنقاش ما دام تحت مظلة مشروع دولة اسرائيل فهو شرعي، ولا يسمح لاحد التدخل فيه، وهو ذاته اليوم تحت مسميات وأطر وحركات واحزاب مختلفة فقط بتغير الزمان والمكان.

لست بصدد سرد تاريخيّ في هذا المقال، انما احاول قدر المستطاع هز ذاكرة البعض ومساعدتهم على الهبوط الاضطراري الي ميدانهم وبين ناسهم، والا سيجدون انفسهم على هامش مشروع الشراكة الحقيقي الذي من اجله اجتهدت مركبات المشتركة جميعها لاقامته.

لقد عمل جهاز المؤسسة منذ اليوم الاول على تذويت مصطلحات لتدعيم صهيونية الفرد عن يهوديته، فجهاز التربية والتعليم الاسرائيلي ذوت المفاخرة بصهيونية الفرد وما يترتب عنها من انتماء وعقيدة فضلا عن يهوديته بنفس المبدأ الذي رسمه آباء المشروع الصهيوني منذ نشأته، فمشكلة الفلسطيني في هذه البلاد لم تكن بالمرة مع يهودية الافراد ولا مع نهجهم وعقيدتهم، بل تتجسد الحالة بتعقيداتها مع صهيونية الفرد والمؤسسة ونهجها الاقصائي والاستعماري الذي يرى بشرعية وجوده في هذه البلاد ويتعامل مع الاخرين على انهم اضافة او ضيوف ويجب ايجاد حل لهم ليس خوفا عليهم بل خوفا على المشروع الصهيوني.

ان المشروع الصهيوني عمل جاهدا في مؤسساته على استقطاب كل فرد في المجتمع الاسرائيلي ونجح مع الاغلبية الساحقة، فقليلون جدا هم القوى الديمقراطية اليهودية ممن يتنكرون لصهيونيتهم، وهم قلة قليلة تعاني من حالة الاقصاء والقمع كما نحن بشكل أو بآخر، ومحاولة تصويرهم أنهم جيوش جرارة وتحميلهم ما يفوق طاقتهم فيه الكثير من الاجحاف والتجني.

ففضلا عن اللهث وراء اليسار الذي يتباكى اليوم على الاطلال ولم يحافظ على قيمه ولا على مبادئه سوى في المتحف والادبيات الفارغة في الارشيف يكسوها الغبار، ففضلا عن ازالة الغبار عن مشروعهم فليرتد كل من يعول على اليسار الصهيوني وليبدأ ببناء اسس متينة لشراكة عربية حقيقية وكل من يرغب ممن كنس عن اكتافه غبار الصهيونية ان ينضم فلينضم.

ففي ظل الظروف الراهنة ومع وضوح المشروع الذي يمثل ما يتعدي الـ98% من المجتمع الاسرائيلي وتشبثه بمشروعه الاستيطاني التوسعي والذي يتجاهل وجود السكان الاصلانيين من الفلسطينيين، لا يمكن التعويل عليهم وتحميلهم ما لا يستطيعون تحمله، لذا وجب تعزيز الشراكة مع التيارات الدينية، السياسية والاجتماعية تحت اطار القائمة المشتركة والعمل على شراكة حقيقية وبناء مؤسسات توعوية لتعزيز مكانة المشتركة ولتصبح شراكة حقيقية في مواجهة المشروع الصهيوني، لا محاولة البحث عن نقاط مشتركة مع من لا يرغب بك اصلا، فحتى ذلك اليسار الذي عولت عليه بعض القيادات لا يقل خطورة عن نتنياهو وزمرته. فالتوصية الاخيرة على غانتس كانت خطيئة لا تغتفر، ولكن ما دامت هي الخطيئة الوحيدة في هذا المضمار، فيسامح شعبنا من اخطأ في ذلك، اما ان يصبح ذلك نهجا والاستمرار بذلك الخطأ، فشعبنا حينها سيعاقب اشد عقاب.

ففي هذه الحالة وجب التنويه وليستثمر من اعطته الجماهير الثقة، بما اختارته لاجله، لا ان يستغل ذلك ويبحث وراء مشاريع ما هي الا اضغاث احلام وهي لا تتعدى كونها التسهيل على بناء مشروع غانتس الصهيوني على حساب مشروع نتنياهو الذي باتت المرجعية الصهيونية ترى به خطرا محدقا.

حري بهذه القيادات العمل على تذويت مصطلحات جديدة وفرض واقع فيه من الانصاف بحق فلسطينيي البلاد، وليواجه المؤسسة التي تتعامل مع مواطنيها الفلسطينيين على انهم رعايا، الامر الذي به الكثير من الاجحاف والتهميش، فليعمل من يلهث وراء بقايا اليسار، على تعزيز مكانة المرأة العربية، وليعمل على تعزيز مكانة المواطن العربي اقتصاديا، فليعمل على توعية الجيل الجديد وليفتح له المجال للتعلم والتطور، ليعمل على تعزيز الانتماء العروبي والفلسطيني لدى الاجيال الصاعدة، فالكثيرون منهم يخفونها لانها اصبحت عائقا لهم في مجالات التعلم والعمل.

يا حضرة القائد، هنالك الكثير مما يجب العمل عليه داخليا، فنحن نعاني من الكثير من المشاكل، الاقتصادية، الاجتماعية وغيرها، كما وان القائمة المشتركة ذاتها لا تتصرف كمجموعة شركاء، اليس من الافضل القيام بتوحيد الصفوف والعمل على الوحدة والنهج المشترك؟ حري بك توطيد العلاقات بين مركبات المشتركة وتقريب وجهات النظر، خاصة في ظل الخطر المحدق، فلا تعويل بعد اليوم على غانتس، كونوا على ثقة انه أسوأ بدرجات من نتنياهو، ولكن الابواق الدعائية الصهيونية باتت ترى بنتنياهو خطر على مشروعها لا علينا، يجب التركيز على هذه النقطة فهي القول الفصل وكل من يحاول تبيان غير ذلك فهو اما مغرض واما هاو.

لنقل ان هنالك يسار ولنقنع انفسنا انهم اقل صهيونية من غيرهم، هل رأى احد منكم انهم هرولوا لصد قانون القومية او الغاءه؟ هل حاولوا ايجاد حل منصف حتى ولو نظريا مع الفلسطينيين؟ الجواب لا، لذا ارجع يا سيد قائد الى رشدك واعمل على تعزيز مكانة لجنة المتابعة والقائمة المشتركة بعيدا عن يسارهم.

تاريخيا عملت قياداتنا الحقيقية على الوحدة رغم الاختلافات ونادت بها على الدوام، خاصة وانها تيقنت ان مشروع الشراكة بائد ومزيف، فحتى لو لم تحدث الوحدة من قبل، الا ان اولئك القادة انتهجوها قولا وفعلا، ولم تحدث الوحدة من قبل لان المغرضين ووكلاء السلطة الذين كانوا يعملون ليل نهار على تعكير الاجواء كثر، وانقسمت التيارات بين مؤيد للوحدة ومعارض، وطوبى لمن يحسبه شعبه انه من مؤيدي الوحدة.

فالقائمة المشتركة واشخاصها لم يهبطوا الينا كمظليين من منطاد، بل اناس اختارهم شعبهم ليمثلهم احسن تمثيل، فالقائمة المشتركة فازت بدعم منقطع النظير، فلو ان الشعب اراد ما يسمى يسارهم فهو يعرف الطريق، لذا يا سيدي القائد انت تحمل امانة ويتوجب عليك صيانتها لا ان تقارع بها يسارهم الذي لا صالح لنا به.

كما انه يا سيدي العزيز، عملت الحركة الصهيونية يمينها كيسارها على تذويت صهيونية الفرد فضلا عن يهوديته، وذلك بغاية تذويت الانتماء للارض ولتعزيز الروح المعنوية والجانب الاستعماري، اي ان تياراتهم لا تأبه لا لعروبتك ولا لفلسطينيتك، لذا يتوجب عليك تعزيز مشروع مستقل بعيدا عن مشروعهم عن طريق المشتركة والمتابعة.

لم يعد خفيا على احد، ان المشروع الصهيوني ايا كان عنوانه، يعمل على تعزيز صهيونية الفرد والمجتمع الاسرائيلي من ناحية، ويعمل على محو ذاكرة الفرد والمجتمع الفلسطيني من ناحية اخرى، ظنا منه ان الهم اليومي للفرد ومشاكل المجتمع ستلهيه عن قضيته الاساس، ولكن هيهات، فالمجتمع الفلسطيني في الداخل ما زال يفخر بفلسطينيته وبانتمائه العروبي ولا يمكن لا لترسانة ولا لبوق اعلامي محوه.

لم نعول على المؤسسة الاسرائيلية ولا على مشاريعها، هناك من عول عليها في السابق وخذلته مرارا وتكرارا، فمشاريع المؤسسة منذ قيامها بيمينها ويسارها خذلت شعبنا مرارا وتكرارا واغتصبت ارضه وقمعته، وما زالت تحاصره في شتى الميادين، اياكم وان تفسحوا المجال لاستراحة محارب بغيض، فهذا المشروع عدائي خطير وتتبدل به التيارات والتوجهات ولكنه يصب في نفس الهدف الاستعماري والتدعيمي متجاهلا وجودنا كسكان اصلانيين ولا يأبه بنا البتة فمن المفروض على من يحمل الامانة ان يحافظ عليها والا يقامر بها، فالفلسطينيون في هذه البلاد ليسوا للمساومة ولا للمقايضة، فليرجع كل من يعول على اليسار الى رشده والى قواعده التي بنيت على اساس متين لمواجهة المشاريع الصهيونية.

على الساحة الاسرائيلية التيار الغالب هو التيار الصهيوني اليميني بكل اشكاله الدينية، السياسية والاجتماعية، ووراء هذا التيار يلهث اليسار الصهيوني الذي لم يعد له مكان في السلطة لانه تيار غير مرغوب فيه، وبين هذا وذاك، التيارات العربية اليسارية، القومية، الدينية وغيرها.

مؤخرا توحدت التيارات العربية الفلسطينية تحت مظلة القائمة المشتركة، حيث بات واضحا ما هي ارادة الشعب، وهي تعزيز الهوية العربية الفلسطينية والحفاظ على مكانة السكان الاصلانيين في مواجهة المشروع الصهيوني، ويتوجب على القيادات العربية الاستثمار في هذا المضمار والحفاظ على الهوية القومية، الدينية والسياسية للمجتمع الفلسطيني كفلسطينيين وليس غير ذلك، فلو اراد الفلسطينيون في البلاد غير ذلك، لما كانوا يدعمون المشتركة هذا الدعم منقطع النظير، ففي اوج الازمة والصراع على الهوية الفلسطينية، يحاول ايمن عودة البحث عن شراكة مع اليسار، ذاته اليسار الذي عمل جاهدا على محو الذاكرة الفلسطينية ويحاول تعزيز انتماء فلسطينيي البلاد للمؤسسة الاسرائيلية وفصله عن عروبته وفلسطينيته، فبنظرهم لم يعد حاجة لوطنية سكان العرب الفلسطينية، ويكفيهم التغني بالثقافة والحضارة العربية الفلسطينية قولا وليس نهجا، ووجب عليهم الانصهار بالمجتمع الاسرائيلي حسب الشروط التي يمليها عليهم اليسار الصهيوني.

من الممكن ان تبحث عن الشراكة الحقيقية مع مَن مِن الممكن ان يتجرد من نهجه الصهيوني الاستعماري، ومع من يعترف بنا كشعب وله كامل الحقوق، ومع من يعترف انه اغتصب ارض الفلسطينيين السكان الاصلانيين، ومع من يعترف بكونك قومي عروبي ووطني فلسطيني قولا وفعلا، فلا يعقل ان ابحث عن شراكة مع من يقمع بي ليل نهار بادبياته وبنهجه، فمن الممكن ان تبحث عن شراكة عمن هو مستعد ان يتساوى بك بانسانيته، لا مع من يتعالى عليك ويرى بنفسه يونانيا راقيا وينتمي الى اصول عرقية مثبتة ويراك اقل منه شأنا بكثير، فلا تصلح الشراكة يا سيد عودة مع من يتبنون نفسية الاسياد مع من يظنونهم عبيد.

فارجع الى رشدك، واعمل مع رفاقك على تعزيز مكانة فلسطينيي البلاد مستغلا الشراكة البرلمانية والتمثيل المنصف في المتابعة، وبدل البحث عن شراكة مع المغتصب، قم باقتراح تبني لجنة المتابعة كاطار جامع لفلسطينيي البلاد وتثبيت اسسها على امل ان تصبح مرجعية سياسية، اقتصادية واجتماعية تعني فلسطينيي البلاد.


تصميم وبرمجة: باسل شليوط