الجيب المخزوق

لقد غيبت شبكات التواصل الاجتماعي والتفاعل معها مهرجانات السيرك والسحرة ذوي القبعة وأصحاب البنطال الفضفاض ذي الجيب المخزوق، والتي كان يخبئ بها كل شيء أراد أن يخفيه ويظهره متى شاء، وينبهر الجمهور وكأن الساحر أخذ الأرنب إلى العالم الآخر وبقدرة قادر أرجعه إلى العالم الحقيقي من ذات الجيب.

على الرغم من كثرة الاستعراضات والعروض الفنية المغرية، إلا أن مشهد السحرة والجيب المخزوق عاد وبقوة، ولكن هذه المرة استبدلوا الأرنب ببيضة والتي اختفت وظهرت فقط بعد أن تلفت "مذرت" ولم تعد أصلا صالحة حتى للعروض السحرية، فكيف لا ينبهر الجمهور أمام الساحر الأكبر وملك التهريج، بيبي نتنياهو، الذي لبس في عرضه الأخير بنطالا وجاكيتا بجيوب عديدة واحدة منها مخزوقة وضع بها المهرج الجديد "بيضة القبان" الذي شعر أنه يتبع تكتيكا لمراوغة الساحر الأكبر، إلا أنه سرعان ما وجد نفسه يتدحرج على عتبات الأحزاب الصهيونية بعد أن قضى يوما أو بعض يوم في جيب نتنياهو المخزوق والذي استعمله كفزاعة ليستقطب لبيد، بينيت، سموتريتش وساعر ولم يكن منصور عباس يوما في الحسبان.

بعد أن سقطت بيضة القبان من جيب الساحر المخزوق وبعد أن اختفى عن الشاشة لفترة لا يستهان بها على الرغم من تسارع الأحداث والمشاهد على الساحة السياسية الإسرائيلية، ليصرح أنه كما وعد ليس في جيب أحد وكأن ما حدث له في أروقة الجيب المخزوق كان مفهوما ضمنا.

حضرة السيد منصور عباس- رئيس كتلة الموحدة في الكنيست الإسرائيلي، هل ما زلت تراوغ؟ أو تظن أن التكتيك الذي اتبعته وأفقد القائمة المشتركة خمسة أعضاء كان تكتيكا ناجحا؟ هل ما زلت تظن أن إصرار الحركة الوطنية وعلى رأسها التجمع ما هو إلا مراوغة وشعارات رنانة وأنك من ستأتي بالسمن والعسل من النمس؟

سيد عباس، إن ما بدر عن الحركة الوطنية منذ نشأتها في مواجهة أذرع المؤسسة الإسرائيلية هو القول الفصل والصحيح، وكل ما دونه ترهات.

عزيزي، إن ما يجب أن يدرس في الجامعات والأكاديميات هو إصرار المناضلين الحقيقيين على مواجهة المؤسسة الإسرائيلية وفرض مطالبنا عليهم لا بالمساومة بل بالمقارعة والتهديد بإغلاق الشوارع الرئيسية أو الإضراب العام.

سيدي المبجل، عنونا نضالنا منذ نشأته وفرض الواقع الأليم علينا بالهوية القومية والمواطنة الكاملة وتحصيلها ليس بالطبطبة ولا بالابتسامة، فما حصل لك بعد تعويلك عليهم، إنك فقدت مصداقيتك ويهاجمونك ليل نهار ولن تجرؤ حتى على الرد على تحويلك إلى "غير شرعي".

إن الساحة السياسية الإسرائيلية تعج باليمين واليمين المتطرف، ولا مكان لك أو لغيرك في هذه الساحة، فالصراع هو صراع اليمين واليمين الأكثر تطرفا، ولن تكون أنت طرفا على الاطلاق حتى ولو رغبت في تجسيد مشهد بيضة القبان في جيب الساحر الأكبر بيبي نتنياهو.

كل ما هو مطلوب منك أن تعود إلى رشدك وأن تعترف بأنك أخطأت وأنه ما هكذا تورد الإبل.

إن تاريخا حافلا بالنضال قاده عظماء هذا الشعب ليس مجرد شعارات وإنما أدبيات يجب أن تدرّس للأجيال القادمة لتواجه هذه الترسانة بشموخ، وأن تحصل على حقوقها كاملة، ليس منة من أحد.

لقد غرر بك كبير السحرة وأودى بك إلى التهلكة، فجل من لا يخطئ وتستطيع أن تعترف بخطئك أو محاولتك، لأنك ظننت يوما أنه من الممكن أن تكون شريكا في حكومة المؤسسة الإسرائيلية، فيا عزيزي إن مشروعهم الذي عملوا عليه لأكثر من مئة سنة لا يمكن أن يحتويك حتى لو قبلت أن تكون مشعل شمعة السبت.

بات واضحا ومنذ اللحظة الأولى أنك خارج لعبتهم، وأنه بمجرد ذكر اسمك العربي يثور جنونهم ولا يريدون حتى سماع اسمك، وتربعك على عرش الصحافة الإسرائيلية ليس شرفا عظيما، إنما بقصد التحريض ومحاصرة نتنياهو. أعد حساباتك وعُد إلى مرجعيتك وقُم بالاعتراف أنهم خذلوك وكل ما أرادوه ووعدوك به باطل.