شبابنا مناح!

في تغريدة على صفحة أم الشهيد أسيل عاصلة، شهيد هبة القدس والأقصى، ذكرت فيها أن ابنتها نبهتها على أوجه الشبه بين أسيل الشهيد ومحمد كيوان الشهيد، أن كلاهما جميلان، متميزان، محبان لوطنهما، عاشقا تراب الوطن، مثقفان، صاحبا حلم، مشروعا وطن، يافعان، مبتسمان وفي سن السابعة عشر، أي سن انطلاقة الحلم الكبير، حلم بناء الذات وحلم المساهمة في المجتمع والسير قدما نحو رفعته.

جميلون هم شهداء الوطن، طيبون وكبار قدرا وقيمة كفلسطين، هم جميلون بشهادتهم وقبلها، فهم كمثل شبابنا الأشم، شباب الهبات والفزعات فداء للوطن، لا يتوانون دفاعا عن الأرض والعرض، وترخص حياتهم فداء للوطن، لا يفكرون مرتين بالتضحية بحياتهم عندما يكون الأمر متعلقا بقضية شعب.

هل فهمتم لماذا تقطفهم أيدي البطش الإسرائيلية؟ أم تريدون أن أشرح لكم أكثر من ذلك؟

إن المؤسسة الإسرائيلية تهاب من شبابنا وترتعب من هباتهم، ويقض مضجعها عشقهم للوطن وعدم ترددهم ولو للحظة للتضحية بحياتهم للحفاظ على كرامة وشرف أبناء وطنهم.

إن المؤسسة تريدهم مستضعفين خانعين، يسيرون حيث رسمت لهم الطريق، إلا أن المؤسسة تتفاجأ من غضبهم في كل مرة تعتدي على رموزهم الوطنية والدينية، فليس هذا ما رسمت وخططت له، فهؤلاء بنظرها جيل انغمس بملذات الحياة ولا صلة له مع فلسطينيته وعروبته.

فمن خطفتهم أيدي الغدر القمعية، هم ككل شبابنا، على عكس الرواية الإسرائيلية أنهم مختلفون وخارج الإجماع، فالمؤسسة الإسرائيلية تحاول دائما أن تلفق التهم لهؤلاء الأخيار، على أنهم جناة وخارجين عن القانون.

إن الرواية الإسرائيلية بائسة وتعكس نفسية موبوءة، تحاول فيها دائما استثناء هؤلاء المناضلين والشهداء وتصفهم أنهم خارجين عن القانون ولا يمثلون إلا أنفسهم.

ونعود نحن بدورنا لنذكر المؤسسة الإسرائيلية، إن روايتها بائسة ولا تستطيع تمريرها حتى عند عربها الجيدين، فهؤلاء هم من خيرة شبابنا، وردة فعلهم للخروج للتظاهر ضد القمع والتمييز والاعتداء على رموزهم وهم يمثلون كل عربي فلسطيني في هذه البلاد، فمهما حاولت المؤسسة من بث الروايات الزائفة، إلا أن كل هبة تعاود تذكيرها أن هؤلاء الشباب ممن لم تفلح المؤسسة بتشويه هويتهم، وممن لم تفلح بانتزاعهم من قضايا شعبهم، فهؤلاء الأخيار يعشقون فلسطين ويقبلون ترابها ويتنفسون هوائها على الرغم من محاولات تعكيرها ومحاولات تحييدهم عن المسار الصحيح.

أسيل، وليد، عماد ومحمد وغيرهم من الشهداء يشكلون جسرا عاليا من الشموخ بين الأرض والسماء ويمثلون حالة تعبئة شموخ ومصب كبرياء لكل فرد فينا ويبقون في ذاكرتنا مهما حيينا، يذكروننا بقضيتنا ويذكروننا بالمغتصب وما اقترفت يداه.

المؤسسة الإسرائيلية تختار خيرة شبابنا وتحاول كبح جماحهم وقطع أحلامهم، أحلام شباب فلسطين في العيش بحرية وكرامة. إن هذا الشباب الخير والمليء بالحب والعطاء، يقض مضجع المؤسسة الإسرائيلية، ويثور جنونها لمجرد أي تحرك لهذا الشباب الغيور على أرضه وعرضه، وتبقى المؤسسة الإسرائيلية تسأل السؤال الذي سيبقى يطاردها: كيف لهذا الشباب أن يثور ضد المؤسسة الإسرائيلية في كل مناسبة أو اعتداء على أي رمز من رموز وطننا، على الرغم من استثمار المليارات ببرامج تحاول أسرلة هؤلاء الشباب؟ كيف لهذا الشباب المدلل والذي عرضت أمامه المغريات كلها، أن يتخطاها ويهب نصرة لشعبه ووطنه؟

لن تستطيع أي قوة بالعالم أن تفصل الشباب عن قضيتهم الأساس وعلى الرغم من أنهم جيل لم يسمع عن النكبة ويوم الأرض إلا من الرواية المحكية في البيت، وهنا تظهر قوة الذاكرة الجمعية الفلسطينية وتمريرها من جيل إلى جيل، فالرواية الحقيقية وقعها قوي على متلقيها، فلا الجيل السابق ولا الآتي، سيسامح أو ينسى ما اقترفته عصابات الحركة الصهيونية ولن ينحني لقاء أي بديل.

فشبابنا يحب وطنه رغم كل الظروف، يبقى الوطن فوق كل الاعتبارات والضغوطات، لن يثني شبابنا أي مشروع عن حب وطنهم، فشبابنا يحب الحياة، ولكنه يفضلها كريمة، يعيشها بشموخ، ولا يريدها حياة ذل ومهانة، فهذا الشباب هو استمرار لأجداد رسموا تاريخا مشرفا من حب الوطن والحفاظ عليه، ووقفوا سدا منيعا في وجه المستعمر والمغتصب ولم يتوانوا عن دفع حياتهم ثمنا لذلك.

فعلا شهداؤنا متشابهون، فالخيرون متشابهون، لا يختلفون عن بعضهم بشيء، فلا المكان ولا الزمان كفيل بأن يخلق اختلافا.

يرتقون إلى ربهم مبتسمون وشامخون، يزخون قطرات الكبرياء لتسقي أجيالا قادمة من شباب يفخر بمن ارتقوا ويتمنى أن يكون عيشهم رغيد بوطنهم بحرية وكرامة وكبرياء.

لن يسعف أيدي الغدر والبطش اغتيال حلم شبابنا، فهم كثر وينتشرون في كل ربوع الوطن شامخين لا يساومون ولا يتنازلون عن عشقهم للقدس ولفلسطين، فسيبقى هذا الشباب أملنا في التحرير وسيبقى شوكة في حلق المؤسسة وسدا منيعا في وجه مشاريع الأسرلة المشبوهة ومحصنا بهويته الفلسطينية وانتماءه العروبي.

رحم الله شهداء فلسطين، وأدام الله شبابنا صامدا شامخا في وجه الباطشين.


تصميم وبرمجة: باسل شليوط