اليمين العربي الجديد

قام أعضاء الكنيست يوم الأحد بالتصويت على الإطاحة ببنيامين نتنياهو الشخص وعلى تثبيت نهج اليمين واليمين المتطرف المتجدد وكان ذلك واضحا وضوح الشمس من خطابات أزلام اليمين بشقيه وغياب كل ما هو دون ذلك من اليسار الإسرائيلي وعرب اليمين المستجدون.

هذا اليوم يعتبر يوما تاريخيا في الانحطاط الأخلاقي والقيمي ونقطة تحول مفصلية في تاريخ فلسطينيي البلاد ومحاولة متجددة لتصفية قضيتهم عن طريق شرعنة فصيل انبطاحي يحاول مقايضة قضية أصحاب الأرض الأصلانيين ليس ببعض الفتات كما يدعي، إنما بالكثير من المال، وكأن القضية هي تنافسية على من يدفع أكثر.

إن قضية تصفية نتنياهو ما هي إلا قضية لا ناقة لنا ولا بعير بها، وجلها كان حول المحافظة على المشروع الصهيوني لأن رجالاته استشعروا أن نتنياهو يقود الكيان إلى التهلكة وكانت ستستمر عملية ضعضعة أسس الكيان لأمد غير مسمى لولا بعض التنازلات العقائدية والمبدئية التي قام بها اليسار ممثلا بيائير لبيد وأضف إلى ذلك نشوء تيار جديد وهو اليمين العربي الذي يعتبر نفسه ذراعا لليمين الإسرائيلي بعيدا عن الصراعات العقائدية، الدينية والوطنية التي تقض مضجع فلسطينيي الداخل منذ سنة 1948.

تعتبر الخطوة التي قام بها يائير لبيد بصفوف الحركة الصهيونية خطوة تحسب له لتضحيته الكبيرة لإنقاذ المشروع الاستعماري الصهيوني بإسقاط نتنياهو الذي تعتبره تيارات صهيونية يمينية أنه بات يشكل خطرا وجوديا على المشروع الصهيوني كما يشكل خطرا كبيرا على تيارات اليمين واليمين المتطرف، ويكسب ذلك يائير لبيد كثيرا في تعزيز مكانته مستقبلا على الساحة السياسية الإسرائيلية.

في ظل هذه المعركة بين شقي اليمين ظهرت لأسباب عديدة أولها النهج الرخو الذي اتبعته المشتركة بقيادتها وثانيها نهج المقايضة وفتح مزاد علني على قضية سكان البلاد الأصلانيين من العرب الفلسطينيين، ظهرت حركة اليمين العربي الإسلامي والذي عنون مشروعه بتحصيل بعض الحقوق متنازلا عن الثوابت والقضية الأصل.

إن هذه الظاهرة خطيرة جدا ومنقطعة النظير، حيث ولأول مرة ينصهر تيار إسلامي عربي في داخل المشروع الصهيوني ويعمل على تعزيز مكانته في صفوفه ضاربا عرض الحائط كل الثوابت الوطنية والعقائدية ليتحول من قيادي إسلامي فلسطيني إلى قيادي يميني إسرائيلي يعمل على مجاراة الواقع وصرف صكوك الوطن والدين ببعض الميزانيات الداعمة أصلا للمشروع الصهيوني المبني على إلغاء كل معالم الوطن والهوية الفلسطينية.

مخطئ من يظن أن حركة اليمين الإسلامي المستجدة هي ظاهرة عابرة لترتيب أوراق اليمين في تشكيل حكومة أقل ما يقال عنها إنها غير متجانسة وعمرها قصير، إنما هذا مشروع يعمل على موقعة فلسطينيي الداخل في أي مكان في المشروع الصهيوني ولو في هامشه ولتعزيز عملية الأسرلة والانصهار داخل المؤسسة الإسرائيلية ولو كان ذلك على حساب القضية الفلسطينية والمقدسات.

لا يعقل أن تدعي أنك تحافظ على العقيدة والمقدسات، وتقوم بذات الوقت بتعزيز ودعم رئيس حكومة يؤمن ببناء الهيكل ويعمل ليل نهار على تصفية القضية الفلسطينية وحصر فلسطينيي البلاد في مجمعات حتى الحل النهائي الذي يرسمه والذي سيختتم بالتهجير أو تبادل السكان.

إن الرد الأمثل على هذا المشروع الخطير هو وحدة الصف الفلسطيني خاصة في الداخل ووضع الخلافات جانبا لمواجهة هذا المشروع الذي يعتبر بنفس خطورة مشروع سموتريتش، بن غفير وبينيت.

هناك أصوات تنادي بإخراج الموحدة من المتابعة ومقابلها تعلو أصوات ترفض ذلك والتي ما زالت تؤمن أن نهج منصور عباس هو نهج ابن ضال وسرعان ما سيعود إلى رشده وتحاول هذه الأصوات التي ما زالت تحتضن مشروع الهبوط هذا إلى إرضاء هذا التيار لعدم وجود خطة حقيقية لمواجهته، هؤلاء يجب أن يفهموا أن سياسة الترضية هذه ستأتي علينا بالهلاك والويلات إذا ما تم إيقاف هذا النهج ومحاصرته قبل أن يغرر بشرائح مجتمعنا الفلسطيني الذي يعاني الأمرين ولم يعد لديه طاقة في المواجهة خاصة بسبب مشاريع الأسرلة والحصار الاقتصادي والاجتماعي الذي تنتهجه المؤسسة الإسرائيلية.


تصميم وبرمجة: باسل شليوط